Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار رئيسيةمقال رأي الهدهد

أزمة إسقاط حكومة نتنياهو: المعارضة بين تكتيك الصبر وضغط اللحظة

إعداد: شبكة الهدهد

مقدمة

رغم الزلزال السياسي الذي أحدثته كارثة السابع من أكتوبر 2023، وتفكك ثقة الجمهور بالحكومة، لا تزال المعارضة الإسرائيلية تُحجم عن اتخاذ خطوات مباشرة لإسقاط حكومة نتنياهو، سواء من خلال حجب الثقة أو اقتراح حل الكنيست. هذا الامتناع لا ينبع من الضعف، بل من استراتيجية محسوبة تراهن على انهيار الحكومة من الداخل، خصوصًا عبر تفكك التحالف مع الأحزاب الحريدية.

تتناول هذه الورقة دوافع المعارضة، أهمية اللحظة السياسية، ودور كل من الجيش، المحكمة العليا، قطاع غزة، والجمهور الإسرائيلي، في رسم معادلة معقدة بين البقاء والسقوط.

أولًا: اللحظة الحرجة – بين المهلة الحريدية ويوم الأربعاء

يُعد الأسبوع الأول من يونيو 2025 لحظة مفصلية في مسار الائتلاف الحاكم، حيث:

  1. انتهت المهلة التي منحها الحاخامات الحريديم لنتنياهو بعد عيد “شفوعوت” لتمرير قانون الإعفاء من التجنيد.
  2. جلسة الأربعاء (5 يونيو)، التي تُخصص عادة لمناقشة اقتراحات حجب الثقة، مرّت دون مبادرة من المعارضة، في إشارة إلى نضج اللحظة داخليًا، لا خارجياً.
  3. الكنيست تقترب من دخول عطلتها الصيفية في منتصف يوليو، ما يعني أن فرصة إسقاط الحكومة قبل الخريف تكاد تنحصر في أسابيع محدودة فقط.

ثانيًا: لماذا لا تتحرك المعارضة الآن؟

  1. القيود القانونية:

وفقًا لأنظمة الكنيست، فإن فشل اقتراح حجب ثقة يُجمّد أي محاولة بديلة لمدة 6 أشهر. لذا فإن تقديم المقترح في توقيت غير ناضج هو بمثابة انتحار سياسي تكتيكي.

  1. المنطق الاستراتيجي:

المعارضة تُدرك أن إسقاط الحكومة يجب أن يأتي من داخلها – وتحديدًا من الحريديم – لكي يكون فعالًا، ولا يبدو كمناورة حزبية قد توحّد صفوف نتنياهو بدل تفكيكها.

ثالثًا: تأثير الحريديم وفتوى الشيوخ الثلاثة

يشكل كبار الحاخامات الثلاثة في التيار الحريدي – هغאון يسرائيل هرش، دافيد لندو، يتسحاق زئيف كنيفسكي – القيادة الروحية المطلقة لملايين الناخبين الحريديم. جميعهم تجاوزوا التسعين عامًا، لكن نفوذهم لم يكن يومًا أقوى.

  • قبل أسبوع فقط، صدرت تعليمات شبه علنية من هؤلاء الثلاثة تدعو إلى انسحاب الحريديم من الحكومة إذا لم يُمرر قانون إعفاء فوري.
  • هذه الفتوى، رغم هدوئها، زلزلت حسابات نتنياهو، لأنها تُهدد بإسقاط الحكومة بصيغة “دينية لا سياسية”.
  • ما زاد خطورة الموقف أن هذه الفتوى جاءت في توقيت حساس، وسط تنامي الضغوط من المحكمة العليا والشارع الإسرائيلي.

رابعًا: ضغط الجمهور – أغلبية تؤيد المساواة في التجنيد

إحدى أكثر الحقائق تجاهلًا في الخطاب السياسي الإسرائيلي الحالي، هي أن غالبية الجمهور الإسرائيلي – من اليسار والوسط وحتى اليمين العلماني – تؤيد مبدأ “المساواة في تحمّل عبء الخدمة العسكرية”.

  • وفقًا لاستطلاعات مايو 2025، أكثر من 65% من الإسرائيليين يعارضون استمرار إعفاء الحريديم من التجنيد.
  • هذا الإجماع يتعاظم بعد الحرب، حيث يشعر المجتمع الإسرائيلي أن “من يدفع بالدم لا يجب أن يدفع وحده”.
  • لذا فإن تقديم قانون يرضي الحريديم يعني استفزاز المحكمة العليا والجمهور معًا، وهو ما لا تستطيع الحكومة تحمّله.

خامسًا: الجيش والمحكمة العليا – مؤسسات على حافة الانفجار

الجيش:

  • يعارض استمرار الحرب بالشكل الحالي، ويرى أن الحل السياسي أفضل من الاستنزاف.
  • صمته الرسمي يُخفي تواطؤًا ضمنيًا مع الاحتجاجات، خاصة عائلات المختطفين.

المحكمة العليا:

  • تتهيأ لإصدار قرار بإلغاء الإعفاءات الدينية، ما قد يُفجر الائتلاف من الداخل.
  • أي تحدٍّ لقرار المحكمة سيُفاقم أزمة الشرعية الدستورية للحكومة.

سادسًا: غزة – الورقة التي احترقت في يد نتنياهو

ما كان يُفترض أن يكون معركة استعادة الردع تحول إلى ورطة سياسية وأمنية:

  • فشل إعادة الأسرى، وامتداد الحرب، وغياب الأفق السياسي، كلها عوامل أنهكت الحكومة.
  • الحريديم يرون في استمرار الحرب عقبة أمام مصالحهم الدينية والاجتماعية.
  • المعارضة تستثمر هذا التململ وتُراهن على لحظة الانفجار الداخلي، لا الهجوم الخارجي.

خاتمة: لحظة ما قبل الانهيار

كل المؤشرات تشير إلى أن الائتلاف الحاكم يسير على حافة الانهيار.

المعارضة لا تُسقط الحكومة بيدها، لكنها تنتظر أن تُسقط نفسها من الداخل.

وإن لم يحدث ذلك قبل عطلة الصيف، فإن سبتمبر سيكون ساحة انفجار مكبوت عمره عام كامل.

ولحين تلك اللحظة، تبقى حكومة نتنياهو محاصرة من كل الجهات:

فتاوى الشيوخ الحريديم، غضب الشارع، صمت الجيش، تهديد القضاء، واستنزاف غزة.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى