عرض “شعب كالأسد”.. الحياة داخل فيلم حرب لا تنتهي

ترجمة الهدهد
مقال رأي
كما بدأت حرب الـ 12 يومًا مع إيران فجأةً، انتهت أيضًا، والآن يُطلب من “الإسرائيليين” العودة إلى روتينهم.
لكن لم يعد واضحًا ما هو الروتين: حياة طبيعية أم حرب؟ ليس من قبيل الصدفة أن يشعر الكثيرون بأن إدراكهم للواقع متزعزع؛ ففي نهاية المطاف، قدرتنا على العمل والدراسة والوقوع في زحمة السير هي أيضًا فقاعة تعتمد على قمع غزة.
طوال 12 يومًا، اجتاح الواقع وعينا، ولم نشعر إلا بجزء يسير مما كانت تفعله “إسرائيل” في القطاع: مبانٍ مدمرة، ومدنيون، بينهم أطفال، قُتلوا في القصف.
كانت هذه الأيام الاثنا عشر ما يُطلق عليه “سلافوي جيجيك” “صحراء الواقع”: اللحظة التي يغزو فيها الواقع القاسي، الذي يتكشف بعيدًا عن وعينا خارج الفقاعة، ولكن في الوقت نفسه، وُصف ما سمعناه عن “إنجازات إسرائيل” العظيمة في إيران في الاستوديوهات، وعاشه وعينا، بأنه “فيلم هوليوودي” بخلايا تجسس وقنابل تخترق المخابئ.
بالنسبة لأولئك الذين لم يكتفوا بالحلقات النقاشية الحماسية وتابعوا الصحافة العالمية، فقد ثارت شكوك حول حقيقة الأهداف والإنجازات، لا يسعنا إلا أن نتساءل إن كان كل هذا مجرد عرضٍ مذهلٍ من قِبَل قائدين لهما سجلٌ حافلٌ في تسويق الخيال على أنه حقيقة.
وفقًا للرواية التي تقبّلها الائتلاف والمعارضة ومعظم وسائل الإعلام بأغلبية ساحقة، انطلقت إيران في سباق محموم لبناء سلاح نووي بهدف تدمير “إسرائيل”، فاضطررنا إلى مهاجمتها استباقيًا، كانت عملية “شعب كالأسد” الأكثر شهرةً ونجاحًا في “تاريخ إسرائيل”، وبفضل “نتنياهو” و”ترامب” نجينا.
لكن ثغراتٍ متزايدة تُكتشف في هذه المؤامرة، بدءًا من إغفال خلفية تقدّم إيران نحو حافة الهاوية النووية – انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2015، بضغط من “نتنياهو” وبقيادة “ترامب” في ولايته الأولى – وصولًا إلى تجاهل السؤال المهم حول ما إذا كان هناك تغيير في موقف خامنئي من تجاوز العتبة، وانتهاءً بإنجازات الهجوم وعواقبه المحتملة.
يُقدّر العديد من الخبراء أن هذه النتائج لا تُمثّل تدميرًا للقدرة النووية الإيرانية، بل تأخيرًا لها، ويعتقد البعض أن الهجوم حفّز إيران على تجاوز العتبة لتعزيز ردعها.
الهدف السخيف الذي دُبِّرَ في خضم العملية، وهو الإطاحة بالنظام الإيراني، لم يتحقق أيضًا، ليس هذا فحسب، بل قد يكون العكس صحيحًا: هجوم خارجي، قُتل فيه مئات المدنيين أيضًا، قد يُعزِّز هذا الهدف، وأخيرًا يُثير طلب ترامب إلغاء “محاكمة نتنياهو” شكوكًا حول الدوافع الحقيقية للعملية وتوقيتها.
إن نقاش “جيجك” يتناول أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؛ ومن بين أفكاره أنه بدلاً من ترسيخ نفسها في فقاعة حيث “لا تحدث أشياء كهذه هنا”، يتعين على الولايات المتحدة أن تفهم أن أمنها الوهمي لا وجود له إلا بفضل العنف في أماكن أخرى، وأنها يجب أن تطالب بأن لا تحدث “أشياء كهذه” في أي مكان على الإطلاق.
إن تصريحات “نتنياهو” ووزراءه حول “السلام من خلال القوة” والاتفاقيات الإقليمية، دون أي تنازلات في الأراضي وإقامة دولة فلسطينية، تظهر الاتجاه الذي تتحرك فيه “إسرائيل”: المزيد من الأمن الوهمي الذي يتحقق من خلال زيادة العنف في الصحراء الفلسطينية ؛ المزيد من انتهاكات الحقوق المدنية من أجل الحفاظ على حالة الطوارئ الدائمة، والحياة في فيلم حرب لا نهاية له.
المصدر: صحيفة “هآرتس”/ “نوعا ليمونا”





















Facebook Comments