بينما يهاجم يائير لابيد نفتالي بينيت: فهو في الواقع مشغول بشيء مختلف تمامًا

شبكة الهدهد
آنا بارسكي – معاريف
أطلق زعيم المعارضة يائير لابيد حملة حزب “يش عتيد” الانتخابية الليلة الماضية، رسميًا وغير رسمي في آنٍ واحد. لم يُحدد موعد الانتخابات بعد، ولم يُحل الكنيست بعد
وبنيامين نتنياهو متأكدٌ تمامًا (أو يحاول إقناع شركائه بأنه متأكد مما يدّعيه) من أن حكومته ستُكمل ولايتها، لكن لابيد يتحدث بالفعل كما لو أن يوم الحسم غدًا.
الخطاب حاد، والذعر حقيقي – أو على الأقل يُصوَّر على هذا النحو – والرسائل تُطلق واحدة تلو الأخرى نحو ساحة واحدة واضحة: المعسكر المعارض لنتنياهو.
بدا خطاب مؤتمر “النضال من أجل الغد” أشبه بنصٍّ طارئ: “نحن في عام انتخابي”، كرّر لابيد مرارًا وتكرارًا، “منذ عام ١٩٤٨ لم يكن هناك عامٌ أكثر حسمًا لمصير الدولة”.
هذه هي لغة حرب وجودية، لغة نهاية الصهيونية إذا فاز نتنياهو بولاية أخرى. تحدث لابيد عن فرصةٍ ضائعة، وعن دولةٍ تنهار إذا لم تُشكّل حكومةٌ أخرى، وعن المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق حزب “يش عتيد”.
لكن وراء كل هذه التصريحات الدرامية يكمن اعتراف بسيط: يعلم لبيد أن معركته الحقيقية ليست ضد الليكود أو ضد نتنياهو. من يريد إقصاء نتنياهو لن يصوت لليكود على أي حال.
ستخوض معركة لبيد داخل معسكر المعارضة ضد الناخبين العازمين على إقصاء نتنياهو وكتلته من السلطة.
إنها معركة على قلوب الجمهور الذي يُوصف بأنه “معادٍ لبيبي”، حيث تحشد جميع أحزاب المعارضة حاليًا، وإلى جانبهم لاعبٌ جديدٌ قديمٌ يُستعدُّ للهجوم: نفتالي بينيت.
لم يكن تعليق لابيد القائل: “بنا فقط نضمن لكم ألا يسرق أحد أصواتكم وينقلها إلى نتنياهو” عفويًا. بل هو طعنة مباشرة في بينيت، الرجل الأكثر ارتباطًا بهذا “النقل” من عام ٢٠٢١.
لكن هذه المرة، ثمة فرق كبير: بينيت لا ينافس على أصوات معسكر اليمين، ولا على أصوات الناخبين اليمينيين الذين لم يحسموا أمرهم بعد بينه وبين نتنياهو. هذه المرة
ينوي التنافس على أصوات كتلة يسار الوسط، التي تضم أيضًا اليمين الليبرالي، المكون من مواطنين لا يريدون لبنيامين نتنياهو ولاية أخرى كرئيس وزراء لإسرائيل، لا أكثر.
وهكذا تتضح الصورة: المعركة الكبرى ستكون على أصوات المعسكر. يدرك لبيد أن بينيت يُهدده أكثر بكثير من بيني غانتس أو يائير غولان.
يتذكر جيدًا التاريخ المشترك، وتشكيل حكومة التغيير، وكيف خرج بينيت منها، عندما تفكك حزبه ببساطة، ومعه الائتلاف بأكمله، تاركًا إياه لقيادة حكومة ضيقة نهايتها معروفة مسبقًا.
الآن، ومع اقتراب موعد الانتخابات، يمكن لبينيت أن يبرز كمرشح ذي خبرة مثبتة، معروف للجمهور، وقادر على جذب شريحة كبيرة من الناخبين الوسطيين.
بهذا المعنى، لم يكن خطاب لابيد نداءً حربيًا ضد نتنياهو، بل كان بمثابة إشارة تحذير داخلية: لا تنخدعوا مجددًا بمن يعد بـ”حكومة وسط” ويستطيع بيع أصواتكم.
الرسالة مزدوجة: الحفاظ على وحدة المعسكر خلف “يش عتيد”، وتصوير بينيت على أنه الخصم الرئيسي الذي قد يُضعف قاعدة دعم المعارضة.
المشكلة: لقد سمع الجمهور الإسرائيلي قادة المعارضة يعلنون “حالة الطوارئ” أكثر من مرة. كل حملة انتخابية هي الانتخابات الأكثر مصيرية منذ تأسيس الدولة.
من وجهة نظر المعارضة، كل ولاية لنتنياهو هي نهاية الصهيونية. السؤال هو: هل لا يزال الجمهور متحمسًا لتكرار الإنذارات أم أنه اعتاد عليها، كإنذارات حمراء روتينية مستمرة؟
الحقيقة، من وجهة نظر سياسية بحتة، هي أن لبيد يفعل الشيء الصحيح عندما يحاول تصعيد المعركة ضد بينيت وتصعيد الخطاب ضد نتنياهو وحكومته، التي وقعت في عهدها أعظم كارثة في التاريخ الإسرائيلي الحديث – السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
حسناً، حملة حزب “يش عتيد” جارية، حتى وإن لم تُعلن الانتخابات بعد. يُصوّر لبيد نفسه كشخصية قادرة على تشكيل حكومة، مُكرّراً ذكر حكومة التغيير، ومُحذّراً من تكرار ما يُسمّيه “سرقة الأصوات”.
وراء هذه الكلمات الكبيرة تكمن سياسة بسيطة: معركة للبقاء على مقاعد داخل المعسكر، ومعركة ضد بينيت، الذي ربما يكون أشدّ خصوم لبيد في الحملة الانتخابية القادمة.





















Facebook Comments